29 آذار, 2024
Login  | 
 
You are here :: Q&A16
 ما معنى الصلاة الربانية؟ Minimize

وردت هذه الصلاة المعروفة باسم الصلاة الربانية في انجيل متى 6، ضمن الموعظة الشهيرة التي ألقاها الرب يسوع المسيح على الجبل. كما انها وردت في انجيل لوقا 11 كجواب الرب على سؤال واحد من تلاميذه "...يا رب علمنا ان نصلي كما علم يوحنا ايضا تلاميذه".

فهذه الصلاة، وعلى رغم بساطتها المتناهية، تعتبر النموذج الامثل لنسج الصلوات على منوالها، من حيث محتواها وشموليتها وترتيب موضوعاتها بالشكل اللائق الذي يجب ان نأخذه بعين الاعتبار عند التكلم مع الله اثناء الصلاة.

يمكن تقسيم هذه الصلاة الى عشرة اجزاء: اولا الاستهلال. ثم سبع طلبات مقسمة الى ثلاثة خاصة بالله واربعة تتناول حاجات الانسان. يليها ختام الصلاة، واخيرا تأتي كلمة "آمين".

1-ابانا الذي في السموات: استهل المسيح هذه الصلاة بالقول ابانا، كاشفا بذلك عن علاقة جديدة اصبحت تربطنا بالله هي رابطة البنوية. فالله لم يعد لنا كما كان يعتبره المؤمنون في العهد القديم كرب الجنود او اله ورب السماء، بل اصبح بامكاننا ان نخاطبه بالقول "ابانا"، ولنا ثقة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني المحبة والحنان والعطف والعناية والحماية واللطف والرحمة. وكون ابانا هو "الذي في السموات" فهذا يضيف الى الصفات السابقة صفة القوة والسلطان. لذلك عندما نأتي الى الله كي نتكلم معه في الصلاة كأبينا، نثق بمحبته الابوية، وبأن صلواتنا تلقى عنده الاهتمام، وبأنه قادر كل المقدرة على استجابتها بحسب مشيئته الصالحة من نحونا.

2-ليتقدس اسمك: ان الاسم هو كناية عن الشخص نفسه. وكم هو جميل عندما ندخل الى حضرة الله المباركة للصلاة ان ننشغل اولا بمجده، قبل ان نستعرض طلباتنا الخاصة وحاجياتنا. فليس الله لنا كأب يملك مستودع العطايا والبركات والهبات فنأتي اليه لكي نتزود منه بما يلزمنا للانفاق في ملذاتنا. بل يجب علينا عند الوجود في حضرته البهية ان نكون في وقار الساجد المدرك لعظمة الخالق وقداسته المطلقة، بحيث نطلب ونرغب اولا في ان يتقدس اسمه المبارك حيثما اعلن، ولا سيما فينا كمؤمنين. اذ ان اسم الله المبارك دعي علينا كما هو مكتوب "اما هم يجدفون على الاسم الحسن الذي دعي به عليكم" يع2: 7 "لكي يطلب الباقون من الناس الرب وجميع الامم الذين دعي اسمي عليهم يقول الرب الصانع هذا كله" اع15: 17. ففي الوقت الذي يهان اسم الله والمسيح في العالم من قبل اشخاص كثيرين يتسيد الشيطان على قلوبهم وحياتهم، كم يجب ان نحرص في حياتنا العملية على ان يتقدس اسم الله ابينا ويتمجد من خلالنا اولا لاننا لهذا دعينا كما هو مكتوب "بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم، مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" 1بط3: 15.

3-ليأت ملكوتك: بعد الانشغال بمجد وقداسة الله نفسه كالخالق لكل شيء والمحب الذي بادر الى فداء نفوسنا من الهلاك ودعانا الى مجده الابدي في شخص ربنا يسوع المسيح، كم هو مناسب ان ننتقل في صلاتنا الى الطلب بخصوص ملكوته. وهذا الملكوت له وجهان: الوجه الاول هو ملكوت السموات، اي دائرة الاعتراف بملك السماء على الارض. وهذا الوجه له طابع السرية لان الملك المفترض لهذا الملكوت، اي الرب يسوع المسيح، ليس مالكا بصورة علنية في الارض الان، ولكنه يملك في قلوب المؤمنين به، الذين يجب ان يعملوا على امتداد هذا الملكوت من خلال البشارة والاهتمام بخلاص نفوس الناس، بانتظار ظهور المسيح بالمجد والقوة ليملك علنا على العالم، بحيث ان المؤمنين به سيملكون معه كما هو مكتوب "ان كنا نصبر فسنملك معه..." 2تي2: 22 وهذا هو الوجه الثاني للملكوت الذي يجب ان نطلب مجيئه في صلواتنا "ليأت ملكوتك". فرغبة الروح القدس الذي يسكن في الكنيسة عروس المسيح هي في ان يأتي الرب لأخذ المؤمنين اليه تمهيدا لملكه السعيد على العالم لمدة الف عام "والروح والعروس يقولان تعال. ومن يسمع فليقل تعال..." رؤ22: 17. وسيحقق الرب هذه الطلبة سريعا حسب وعده الصادق "...نعم. انا آتي سريعا. آمين. تعال ايها الرب يسوع" رؤ22: 20. وسيكون لسان حالنا كشركاء في ملكوت المسيح هذه الترنيمة الجديدة للرب "...مستحق انت...لانك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وامة، وجعلتنا لالهنا ملوكا وكهنة فسنملك على الارض" رؤ5: 9و10. والرسول يعقوب يقول للمؤمنين على سبيل تشجيعهم "اسمعوا يا اخوتي الاحباء. اما اختار الله فقراء هذا العالم اغنياء في الايمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه" يع2: 5. فلنسع اذا الى العمل الحثيث من اجل ملكوت الله، نامين في نعمته ومحبته، وطالبين باشتياق سرعة مجيء الرب حيث سنراه وجها لوجه ونكون معه الى ابد الابدين. آمين.

4-لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض: هذه هي الطلبة الثالثة التي ذكرها الرب في هذه الصلاة النموذجية. وفيها يلفت نظرنا الى انه عندما نصلي، يجب ان نكون في خضوع تام لمشيئة الله بالنسبة لحياتنا، مهما كانت هذه المشيئة، لانها صالحة على الدوام. ففي الوقت الذي يتسيد الشيطان على العالم ويخضعه لمشيئته الشريرة، كم هو مهم ان نطلب ان تكون مشيئة الله هي السائدة على حياتنا. وما أروع ربنا يسوع كالمثال الكامل الذي يجب ان نقتفي آثاره، عندما كان يعاني الالام النفسية في بستان جثسيماني في الليلة التي اسلم فيها للصلب، اذ سلم بالتمام نفسه لمشيئة الاب "...وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه ان امكن فلتعبر عني هذه الكأس. ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت...فمضى ايضا ثانية وصلى قائلا يا أبتاه ان لم يمكن ان تعبر عني هذه الكأس الا ان اشربها، فلتكن مشيئتك...وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه" مت26: 39-44. فكم من مرة نصلي من اجل موضوع معين ونحن نرغب في اعماقنا ان تتم الاستجابة بحسب مشيئتنا وليست مشيئته هو. لذلك وضع الرب لنا القاعدة الصحيحة للصلاة من هذه الناحية، ولا سيما اننا قبل الايمان كنا نتصرف كأبناء المعصية "...في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والافكار..." اف2: 3. اما بعد الايمان، فان مشيئة الله هي التي يجب ان تسود على حياتنا عن طريق خضوعنا بالكامل وتسليم امورنا له بثقة لانه الاله الكلي الحكمة الذي يقودنا في سبل الخير والحياة والسلام على الدوام.

ولكن الاستجابة الكاملة لهذه الطلبة ستكون في ملك المسيح الذي سبق وطلبنا مجيئه. حيث يكون الشيطان مقيدا والمسيح هو الذي يسود بسلطانه على الارض. حينئذ ستنفذ مشيئة الله على الارض بتمامها وكمالها كما هي منفذة في السماء، حيث الملائكة جاهزون في كل حين لتنفيذ مشيئته كما هو مكتوب "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" مز103: 20.

5-خبزنا كفافنا أعطنا اليوم: هذه هي الطلبة الاولى من الطلبات الاربع المختصة بحاجات الانسان التي يطلبها بالصلاة. فالمؤمن يعتمد على الله في تأمين حاجات الجسد وكافة الاعواز الزمنية. وفي هذه الطلبة علمنا الرب ان لا نسأل من اجل الترفيه او الملذات لانه في هذه الحالة يقول الرسول يعقوب "تطلبون ولستم تأخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم" يع4: 3. كما لفت الرب انظارنا الى ان الطلب يجب ان يكون يوما بيوم فلا نقلق بالنسبة لامور الغد. وهو قال في نفس الموعظة على الجبل "انظروا الى طيور السماء. انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها. ألستم انتم بالحري أفضل منها...فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم، لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره" مت6: 26-34. كما ان الرب من خلال هذه الطلبة علمنا ان نتحذر من الطمع او الاتكال على الغنى كما قال في موضع آخر "...انظروا وتحفظوا من الطمع. فانه متى كان لأحد كثير فليست حياته من امواله" لو12: 15 ثم ضرب لهم مثلا عن الغني الغبي الذي أخصبت كورته، ففكر في نفسه ان يهدم مخازنه ويبني اعظم منها لجمع غلاته وخيراته "وأقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكلي واشربي وافرحي. فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعددتها لمن تكون. هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيا لله" لو12: 16-21. والرسول بولس يقول في هذا بالروح القدس "أوص الأغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع" 1تي6: 17.

ولا بد ان نشير هنا ايضا الى ان هذه الطلبة ستكون طلبة المؤمنين في زمان الضيقة العظيمة بعد اختطاف الكنيسة، لان احدا من المؤمنين في ذلك الوقت لن يقدر ان يبيع او يشتري بسبب الاضطهاد الذي سيتعرضون له من قبل السلطات المقاومة للمسيح والبشارة في ذلك الوقت (رؤ13). وسيطلب المؤمنون عند ذلك من الله ان يسدد اعوازهم يوما بيوم، وسيستجيب الله طلبتهم بطريقة عجيبة على رغم الضيق لانه لا يعسر عليه شيء.

6-واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا: الغفران المقصود هنا هو الغفران الابوي الذي يمنحه الله للمؤمنين. وهو يختلف عن غفران الخطايا الذي يحصل عليه الخطاة عند ايمانهم بالرب يسوع المسيح كالفادي والمخلص كما هو مكتوب عنه "له يشهد جميع الانبياء ان كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" اع10: 43. فالخاطىء الذي لم يختبر غفران خطاياه بالايمان بالمسيح لا يستطيع ان يصلي الى الله كأبيه، لأن اب الخطاة هو ابليس كما قال الرب للاشرار "انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا..." يو8: 44. ويجب ان ندرك هنا ان غفران ذنوبنا كمؤمنين يأتي من خلال الاعتراف بها كما هو مكتوب "ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" 1يو1: 9. فالله لا يستجيب صلواتنا اذا كنا نتساهل مع الخطية في حياتنا "ان راعيت اثما في قلبي لا يستمع لي الرب" مز66: 18 "ونعلم ان الله لا يسمع للخطاة. ولكن ان كان احد يتقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع" يو9: 31.

اما في الجزء الثاني من هذه الطلبة "كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا" فلا يجب ان نفهم منها ان المصلي يطلب من الله ابيه ان يتمثل به فيغفر له خطاياه كما هو يغفر للمذنبين اليه. لان الله اصلا لا يغفر لنا خطايانا بناء على اي عمل نقوم به، حتى ولو كان مسامحة المخطئين الينا. لان غفران الخطايا كما ذكرنا مرتبط بالايمان بالنسبة للخطاة، كما انه مرتبط بالاعتراف بالخطية بالنسبة للمؤمنين. ولا يمكن ان نفهم هذا الجزء من الطلبة الا من زاوية ان المصلي يجب ان يكون على استعداد تام كل الوقت لمسامحة المخطئين اليه، متمثلا بالرب يسوع كما هو مكتوب "محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا ان كان لاحد على احد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا انتم ايضا" كو3: 13 "وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح" اف4: 32. فمسألة ان نغفر للاخرين ذنوبهم تجاهنا هي امر الهي يجب اطاعته وليست شيئا يمكن ان نقايض الله به من اجل مغفرة خطايانا. وعلى المؤمن ان يدرك ان المسيح انما جاء الى العالم لا ليصالحه مع الله فقط وانما ايضا مع اخيه الانسان. ولشدة اهمية هذا الامر بالنسبة للرب، عاد للحديث عن موضوع الغفران عند انتهائه من هذه الصلاة فقال "فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكن ايضا ابوكم السماوي. وان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم" مت6: 14و15.

7-ولا تدخلنا في تجربة: هذه الطلبة يجب ان يطلبها المصلي شعورا منه بضعفه الشديد، وتعبيرا عن حاجته الى السند الالهي للحفظ من التجارب والضيقات كما قال الرب "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة..." مر14: 38. وهنا لا بد ان نشير الى نوعين من التجارب يتحدث عنهما الكتاب: النوع الاول هو الذي يسمح به الله لامتحان الايمان ويقول عنه الرسول يعقوب "احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين ان امتحان ايمانكم ينشىء صبرا" يع1: 2و3. وهذا النوع من التجارب لا يجب ان نطلب من الله ان يحفظنا منها بل علينا ان نشكره من اجلها. اما النوع الثاني فهو التجارب الشريرة التي نتعرض لها، والتي يقول عنها الرسول يعقوب ايضا "لا يقل احد اذا جرب اني اجرب من قبل الله لان الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب احدا" يع1: 13. وهذا النوع من التجارب كما فهمنا لا يأتي من الله كي نطلب منه ان لا يدخلنا فيها. فأي نوع من التجارب اذا قصد الرب من هذه الطلبة؟ يقول الرسول يعقوب كتتمة للآية الاخيرة التي ذكرناها "ولكن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته" يع1: 14. لذلك لا يمكننا ان نفهم هذه الطلبة الا من ناحية الطلب من الله الآب ان يحفظنا من ذواتنا ومن شهوات الجسد الذي فينا والعالم الذي يحيط بنا لاننا بقوتنا الذاتية لن نقوى على الصمود "اذا من يظن انه قائم فلينظر ان لا يسقط. لم تصبكم تجربة الا بشرية. ولكن الله امين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة المنفذ لتستطيعوا ان تحتملوا" 1كو9: 12و13. "يعلم الرب ان ينقذ الاتقياء من التجربة..." 2بط2: 9.

8-لكن نجنا من الشرير: في هذه الطلبة يعلن المؤمن حاجته الى النجاة من قسوة وبطش الشيطان واجناد الشر الروحية التي لا تكف عن محاولة زعزعة ايمان المؤمن او نصب الشراك والفخاخ لايقاعه في الخطية. فالله اله الامانة الذي انقذنا من الهلاك الابدي بسبب الخطية، لن يتركنا بعد الايمان لنكون ألعوبة في يد الشيطان. بل كما هو مكتوب "أمين هو الرب الذي سيثبتكم ويحفظكم من الشرير" 2تي3: 3. لقد طلب الرب يسوع المسيح من الله الاب في صلاته الشفاعية في انجيل يوحنا 17 ان يحفظ المؤمنين من الشرير بقوله "لست اسأل ان تأخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير" يو17: 15. ونحن نعلم ان الله الآب استجاب للمسيح كل طلبة طلبها عندما كان في الجسد، لانه كان الانسان الكامل الذي لم يطلب اي شيء الا بحسب مشيئة الله. وعليه، فان طلبنا من الاب ان ينجينا من الشرير هي طلبة تعبر عن ثقتنا بأن الله ابينا قادر لا ان يحفظ نفوسنا فقط بل ايضا ان يمتعنا بالنصرة على الشيطان واعوانه وسط كل الظروف التي قد نتعرض لها او نجتاز فيها فنستطيع ان نرنم ترنيمة الظفر "...شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين..." 2كو2: 14.

9-لان لك الملك والقوة والمجد الى الابد: تنتهي الصلاة كما ابتدأت بحمد الله وتسبيحه الامر الذي يجب ان يكون هدفنا الاول والاخير.

10-آمين: هذه الكلمة تعني استجب او ليكن كذلك. وهي كلمة الختام في كل صلاة للتعبير عن ثقة المصلي بأن الله قد استمع صلاته ولا بد ان يستجيبها بحسب مشيئته الصالحة. كما ان المؤمنين الذين يستمعون الى المصلي يشاركونه بالقول آمين، للتعبير عن موافقتهم على ما ورد في الصلاة، كأنها تعبر عن لسان حالهم ايضا. لذلك جاءت هذه الصلاة بصيغة الجمع لان المصلي يتكلم بلسانه ولسان اخوته ايضا.

خاتمة

يبقى ان نسأل، هل قصد الرب من وراء تعليم هذه الصلاة ان نرددها حرفيا، او عددا معينا من المرات، او عند كل مناسبة؟ ام انه ذكرها كنموذج لما يجب ان تكون عليه الصلوات من حيث مضمونها عندما نقف امام الله ابينا للتكلم معه؟ لقد علمنا الرب يسوع، في الموعظة على الجبل ايضا، انه "حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم. فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم..." مت6: 7و8. كما يجب ان لا ننسى ان المؤمن هو شخص مولود من روح الله القدوس، وليس هو بحاجة الى ترديد محفوظات امام الله عندما يصلي، بل الروح القدس الذي فيه هو يعينه عند الصلاة لقول ما يريد قوله كما هو مكتوب "وكذلك الروح ايضا يعين ضعفاتنا لاننا لسنا نعلم ما نصلي لاجله كما ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" رو8: 26. فالمؤمن الذي يريد ان يصلي يأتي الى حضرة الله ليتكلم بما يشغله فيه الروح القدس، ان كان بالنسبة لما يخص مجد الله او بالنسبة للاحتياجات الزمنية.

امر اخر تجدر الاشارة اليه هو ان المسيح قال لتلاميذه قبل ان يذهب الى الصليب انه سيقوم من الموت وانهم سيرونه مرة اخرى فتفرح قلوبهم، واضاف "في ذلك اليوم لا تسألونني شيئا. الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا" يو16: 23و24. فمن هذه الآيات نفهم ان الصلاة باسم المسيح هي الصلاة المستجابة عند الله الآب كما تؤكد ذلك شواهد عديدة. الا ان المسيح يقول "الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي" ما يعني ان الصلاة التي علمها الرب قبل قوله هذا لا تدخل في اطار الصلاة باسم المسيح، ولو افترضنا ان التلاميذ كانوا يرددونها كما هي. والمقصود بعبارة "الصلاة باسم المسيح" لا ان نذيل صلواتنا بعبارة "باسم المسيح. آمين" مع انه لا مانع ابدا في ذلك، بل المقصود ان نصلي على اعتبار ان الله يستمع الينا وكأن المسيح نفسه هو الذي يصلي اليه، والا لما كانت هناك اي امكانية لاستجابة صلواتنا كبشر. ولكن هذا كله لا يمنع بالطبع من ذكر او استخدام عبارات "الصلاة الربانية" اثناء قيامنا بالصلاة التي يرشدنا فيها الروح القدس، لانها بالنتيجة هي جزء من كلمة الله المقدسة التي يعرف الروح القدس كيف يستخدمها في مكانها الصحيح والمناسب اثناء الصلاة.

اخيرا، وليس آخرا، نكرر ان الرب يسوع علم هذه الصلاة للجموع كنموذج تنسج على منواله الصلوات، ولكنها لم تكن صلاته هو. فلا يجب ان نفهم من كون الصلاة معروفة باسم "الصلاة الربانية" انها كانت الصلاة التي يصليها المسيح لله ابيه. والسبب البسيط هو انه لا يمكن مثلا ان المسيح يطلب الى الآب ان يغفر له خطاياه، لانه هو القدوس الطاهر البار الذي لم يفعل خطية ولم يعرف خطية ولم تكن فيه خطية. ولله ابينا والرب يسوع المسيح كل المجد والكرامة الى ابد الابدين. آمين.

ادمون الآغ

 

 Print   
 علق على الموضوع Minimize
  Add Comment



Submit Comment
  View Comments
No comment.
 Print   
طلبة صلاة | اسئلة القراء | الحق يحرر | الصفحة الرئيسية
Privacy Statement | Terms Of Use
Copyright 2007 by alhaqyoharer.com